حورية الإدارة
الجنس : عدد المساهمات : 1271 نقاط : 2445 الشّكر : 17 تاريخ التسجيل : 15/10/2009 الموقع : https://7oortounes.ahlamontada.com المزاج : الحمد لله
| موضوع: تفسير جزء عم : سورة التكوير الأربعاء 5 مايو 2010 - 12:52 | |
| | |
|
حورية الإدارة
الجنس : عدد المساهمات : 1271 نقاط : 2445 الشّكر : 17 تاريخ التسجيل : 15/10/2009 الموقع : https://7oortounes.ahlamontada.com المزاج : الحمد لله
| موضوع: رد: تفسير جزء عم : سورة التكوير الأربعاء 5 مايو 2010 - 13:29 | |
| قال صلى الله عليه وسلم : من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين ، فليقرأ : {إذا الشمس كورت} ، و {إذا السماء انفطرت} ، و {إذا السماء انشقت} .
وقد ورد عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن الآيات الست الأولى تكون في آخر الزمان والناس ينظرون إليها ، ولاست الأخيرة تكون في يوم القيامة .
و فيما يلي تفسير الآيات من 1 إلى 14 :
1- قوله تعالى : {إذا الشمس كورت} ؛ أي : إذا جمع جرم الشمس ، وذهب ضوؤها، فألقيت في النار([1]) .
2- قوله تعالى : {وإذا النجوم انكدرت} ؛ أي : وإذا نجوم السماء وقعت وانتثرت ، فتغيرت وطمس ضوؤها([2]) .
([1]) عبر السلف عن التكوير بالعبارات الآتية : 1- ذهبت ، وهو قول ابن عباس من طريق العوفي ، والضحاك من طريق عبيد ، وقال مجاهد من طريق أبي يحيى: اضمحلت وذهبت ، وقال سعيد بن جبير من طريق جعفر : غورت . 2- ذهب ضوؤها ، وهو قول أبي بن كعب من طريق أبي العالية ، وقتادة من طريق شعبة ، وقال ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة : أظلمت . 3- رُمي بها ، وهو قول الربيع بن خثيم ، وأبي صالح من طريق إسماعيل ، وفي رواية أخرى ن طريق إسماعيل: نكست . وهذه الأقوال ترجع إلى معنيين : ذهابها بذاتها ، يلحقه ذهاب ضوئها ، ورميها ، وعلى هذه التفاسير يكون التكوير محتملاً لهذين الأمرين ، ويربط بينهما أنهما من الأحوال التي تمر بها الشمس في ذلك اليوم ، فجاءت هذه اللفظة الواحدة دالة على هذه المعاني ، والله أعلم . قال ابن جرير الطبري : "الصواب من القول عندنا في ذلك أن يقال : "كورت" كما قال الله جل ثناؤه ، والتكوير في كلام العرب : جمع بعض الشيء إلى بعض ، وذلك كتكوير العمامة ، وهو لفها على الرأس ، وكتكوير الكارة ، وهي جمع الثياب بعضها إلى بعض ولفها ، وكذلك قوله : {إذا الشمس كورت} إنما معناه : جمع بعضها إلى بعض ، ثم لفت ، فرمي بها ، وإذا فعل ذلك بها ذهب ضوؤها ، فعلى التأويل الذي تأولناه وبيناه لكلا القولين اللذين ذكرت عن أهل التأويل وجه صحيح، وذلك أنها إذا كورت ورمي بها ذهب ضوؤها" . وعلى هذا الترجيح من الطبري يزيد معنى اللف والمع ، ولم أجده لأحد من السلف قبل الطبري ، وهو مستنبط من المعنى اللغوي للتكوير ، كما أن من قال : رمي بها ، فإنه مأخوذ من معنى لغوي آخر في مادة التكوير ، تقول : كورت الرجل ؛ أي : طرحته في الأرض ، وقد ورد في الحديث : "الشمس والقمر ثوران مكوران في النار" . وهذا يشهد لهذا المعنى التفسيري ، ويزيد عليه بيان مآل الشمس . أما من فسرها بذهبت واضمحلت فإن ذلك لازم لفها كما ذكرى الطبري ، وإذا ذهبت ذهب ضوؤها ، والله أعلم .
([2]) ورد في تفسير الأنكدار قولان : الأول : تناثرت ، وهو قول الربيع بن خثيم ، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح ، وأبي صالح من طريق إسماعيل ، وقتادة من طريق سعيد ، وعبارته : "تساقطت وتهافتت} ، وابن زيد ، وعبارته : "رمي بها من السماء إلى الأرض" . والثاني : تغيرت ، وهو قول ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة . وهذان القولان ليس بينهما تضاد ، بل الثاني من لوازم الأول ، والمعنى أنها إذا تساقطت ؛ كما قال تعالى : {وإذا الكواكب انتثرت} [الانفطار : 2] ، فإنها تتغير ويذهب ضوؤها ؛ كما قال تعالى {وإذا الكواكب انتثرت} [الانفطار : 2] ، فإنها تتغير ويذهب ضوؤها ؛ كما قال تعالى : {فإذا النجوم طمست] [المرسلات :8] . وهذان القولان مرجعهما اللغة ، فالأول جعل اللفظ من الانكدار ، أي الانصباب ؛ كما قال العجاج : تقضى البـازي إذا البـازى كسر أبصـر غربـان فضـاء فانكـدر والمعنى الثاني مأخوذ من الكدرة ، وهي التغير ، تقول : كدرت الماء فانكدر ؛ أي : تغير بما يكدر صفاءه ، وهذا من اختلاف التنوع الذي يرجع إلى معنيين غيرمتضادين ، ويجوز أن يرادا في الآية ، ويكون سبب الاختلاف التنوع الذي يرجع إلى معنيين غير متضادين ، ويجوز أن يرادا في الآية ، ويكون سبب الاختلاف الاشتراك اللغوي في لفظ : انكدرت ، والله أعلم .
3- قوله تعالى : {وإذا الجبال سيرت} ؛ أي : وإذا هذه الجبال العظيمة قد أمر الله بتحريكها من مكانها ، فسارت([3]) .
4- قوله تعالى : {وإذا العشار عطلت} ؛ أي : وإذا النوق الحوامل التي بلغت الشهر العاشر من حملها ، التي هي أنفس أموالهم ، قد أهملها أهلها وتركوها من هول الموقف([4]) .
5- قوله تعالى : {وإذا الوحوش حشرت} ؛ أي : وإذا الحيوانات البرية التي لم تأنس بالإنسان جمعت معه وزال ما بينهما من الاستيحاش بسبب هول الموقف([5]) .
([3]) عبر مجاهد عن معنى التسيير بقوله : "ذهبت" ، وهذا من لوازم تسيير الجبال ؛ لأنها إذا سارت فقد ذهبت ، والله أعلم . وهذه الآية كقوله تعالى : {وسيرت الجبال فكانت سرايا} ، وجاء الفعل على صيغة المفعول للاهتمام بالحديث ، وللدلالة على أن هذا الفعل يكون مبدؤه بفعل فاعل فيها ، ثم إنها تنفل لهذا الحدث فتسير؛ كما قال تعالى : {وتسير الجبال سيرا} ، ويظهر أن هذه أول حال من الأحوال التي تمر بها الجبال في ذلك اليوم ، والله أعلم .
([4]) كذا قال السلف : أبي بن كعب من طريق أبي العالية ، والربيع بن خثيم ، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح وأبي يحيى ، والحسن من طريق عوف ، وقتادة من طريق معمر ، والضحاك من طريق عبيد المكتب .
([5]) اختلف السلف في تفسير عبارة الحشر هنا : 1- فجعله ابن عباس من طريق عكرمة : الموت ، وقال الربيع بن خثيم : أتى عليها أمر الله . 2- وقال أبي بن كعب من طريق أبي العالية : اختلطت . 3- وفسر قتادة من طريق سعيد بالجمع ، قال : "هذه الخلائق موافية يوم القيامة ، فيقضي الله فيها ما يشاء" . وهذا تفسير معنى ، ولم ينص فيه على مدلول اللفظ مطابقة ، لكن يفهم من قوله أن الحشر الجمع ، والله أعلم . وقد رجح الإمام ابن جرير قول قتادة وأردفه بقول ابن عباس فقال : "وأولى الأقوال ف ذلك بالصواب ، قول من قال : معنى حشرت : جمعت ، فأميتت ؛ لأن المعروف في كلام العرب من معنى الحشر : الجمع ؛ ومنه قول الله : {والطير محسورة} [ص : 19] ؛ يعني مجموعة ، وقوله : {فحشر فنادى} [النازعات : 23] ، وإنما يحمل تأويل القرآن على الأغلب الظاهر من تأويله ، لا على الأنكر المجهول " . ولعلك تلاحظ أنه استشهد لمعنى الجمع ، ولم يستشهد لمعنى الموت الذي ذكره في أول كلامه ! وتفسير ابن عباس يظهر منه أن هذه الدلالة اللغوية للحشر مختصة بحشر الحيوانات في آخر الزمان، حيث قال : "حشر البهائم : موتها ، وحشر كل شيء : الموت ، غير الجن والإنس ، فإنهما يوقفان يوم القيامة" . وإن لم تحمله على ذلك ، فإنك ستلاحظ أنه أفاد زيادة على معنى الجمع ؛ أي : نتيجة هذا الجمع ولازمه ، وهو مآل هذه الحيوانات بعد هذا الحشر ، والله أعلم . أما تفسير أبي بن كعب ، فإن لم تحمله على أنه معنى لغوي آخر للحشر ، فإنه من لوازم الحشر؛ أي: أن جمع هذه الحيوانات جعلها تختلط ببعضها دون خوف أو غيره مما كان من حالها قبل ذلك ، والله أعلم .
6- قوله تعالى : {وإذا البحار سجرت} ؛ أي : وإذا هذه البحار امتلأت بالماء ، ففاضت به ، ثم أوقدت ، فذهب ما فيها من الماء([6]) .
7- قوله تعالى([7]) : {وإذا النفوس زوجت} ؛ أي : إذا الأشخاص الذين يعملون أعمالاً متشابهة ، يقرن بينهم ، فيقرن الكافر مع الكافر ، والمؤمن مع المؤمن ، واليهودي مع اليهودي ، والنصراني مع النصراني ، وهكذا([8]) .
([6]) قرئ حرف "سجرت" بتخفيف الجيم وتشديدها ، وفي التشديد مبالغة في السجر ، وكلا القراءتين جاءت على صيغة المفعول للاهتمام بالحدث . وقد اختلف السلف في تفسير التسجير في هذه الآية على أقوال : الأول : أشعلت وأوقدت ، وهذا قول أبي بن كعب من طريق أبي العالية ، وابن عباس من طريق شيخ من بجيلة ، وابن زيد ، وشمر بن عطية ، وسفيان الثوري من طريق ابن مهران ، ومن طريق سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : "قال علي رضي الله عنه لرجل من اليهود : أين جهنم ؟ فقال : في البحر ، فقال : ما أراه إلا صادقاً {والبحر المسجور} [الطور :6] ، {وإذا البحار سجرت} [التكوير : 6] مخففة " . الثاني : فاضت ، وهو قول الربيع بن خثيم ، وقال الكلبي : ملئت ، وجعلها نظير قوله تعالى:{والبحر المسجور} [الطور : 6] . الثالث : فجرت ، وهو قول الضحاك من طريق عبيد ، وكأنه جعلها نظير قوله تعالى : {وإذا البحار فجرت} [الانفطار : 3] . الرابع : ذهب ماؤها ، وهو قول قتادة من طريق معمر وسعيد ، وقال الحسن من طريق أبي رجاء وسليمان بن المعتمر : يبست . قال أبو جعفر الطبري : "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : معنى ذلك : ملئت حتى فاضت ، فانجرت وسالت ، كما وصفها الله به في الموضع الآخر ، فقال :{وإذا البحار فجرت} [الانفطار : 3] ، والعرب تقول للركي المملوء : ماء سجور ، ومنه قول لبيد : فتوسطـا عرض السـري وصـدعـا مسجـورة متجـاوراً قـلامهـا ويعني بالمسجور : المملوء ماء " . والسجر في لغة العرب يطلق على معان ثلاثة مما ذكر في التفسير، وهي : امتلاء ، والإيقاد ، واليبس، ومن ثم فإن الآية تحتمل هذه المعاني الثلاثة التي ذكرها السلف ويمكن الجمع بينها على أن هذه من المراحل التي تمر بها البحار في ذلك الزمان ، فعبر بلفظ يدل على هذه المراحل جميعها ، والله أعلم . وإذا صرح ذلك ، فإن الأمر يكون بأن تنفجر البحار ويفيض بعضها على بعض ، حتى تصير بحراً واحداً ممتلئاً ، ثم توقد بالنار – التي ورد في بعض الآثار أنها تحت البحر – ثم تيبس ويذهب ماؤها، والله أعلم . ويظهر أن سبب الاختلاف هنا : الاشتراك اللغوي في لفظ "سجرت" ، وهو من قبيل اختلاف التنوع الذي يرجع إلى أكثر من قول ، كما يلاحظ أن بين قولي الامتلاء واليبس تضاداً ، ولكن جاز حمل الآية عليهما لاختلاف الحال والوقت الذي يكون فيه هذان المعنيان ، والله أعلم .
([7]) هذه الآية وما بعدها تكون بعد البعث كما ذكر أبي بن كعب ، وهذا ظاهر من أمر هذه الآيات الست القادمة ، والله أعلم .
([8]) اختلف السلف في تفسير الآية على قولين : الأول : الحق كل إنسان بشكله ، وقرن بين الضرباء والأمثال، وهذا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : هما الرجلان يعملان العمل ، فيدخلان به الجنة ، وقال : {احسروا الذين ظلموا وازوجهم} [الصفات : 22] قال : ضرباءهم . وقال ابن عباس من طريق العوفي : ذلك حين يكون الناس أزواجاً ثلاثة ، وهو قول الحسن من طريق عوف ، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح ، وقتادة من طريق سعيد ، والربيع بن خثيم . الثاني : ردت الأرواح إلى الأجساد ، فجعلت لها زوجاً ، وهو قول عكرمة من طريق أبي عمرو، والشعبي من طريق داود . والقول الأول هو الراجح ، قال الطبري : "وأولى التأويلين في ذلك بالصحة ، الذي تأوله عمر بن الخطاب رضي الله عنه للعلة التي اعتل بها ، وذلك قوله تعالى ذكره : {وكنتم أزواجا ثلاثة} [الواقعة : 7] ، وقوله : {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} [الصافات : 22] ، وذلك ولاشك – الأمثال والأشكال في الخير والشر ، وكذلك قوله : {وإذا النفوس زوجت} [التكوير : 7] بالقرناء والأمثال في الخير والشر " .
8-9- قوله تعالى :{وإذا الموءدة سئلت * بأي ذنب قتلت} ؛ أي : وإذا سأل الله البنت المدفونة وهي على قيد الحياة : ما الجريمة التي فعلتيها حتى يدفنك أهلك ، فيقتلونك بهذا الدفن([9])؟ ، وهذا فيه تبكيت لقاتلها ، وتهويل للموقف الذي يسأل فيه المجني عليه ، فما ظنك بما يلاقيه الجاني لهذا الجناية البشعة ؟ .
([9]) لا يخفى عليك أيها القارئ ما تقوم به الحضارة المعاصرة من الوأد ، وذلك ما يسمى بالإجهاض .
10- قوله تعالى : {وإذا الصحف نشرت} ؛ أي : وإذا ما كتبت به أعمال العباد من الصحف قد فتحت ، ليقرأ كل كتاب أعماله ؛ كقوله تعالى : {أقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} [الإسراء : 14] .
11- قوله تعالى : {وذا السماء كشطت} ؛ أي : وإذا نزعت السماء كما ينزع الجلد من الذبيحة([10]) .
12- قوله تعالى : {وإذا الجحيم سعرت} ؛ أي : وإذا نار الجحيم أوقدت ، فزاد حرها.
13- قوله تعالى : {وإذا الجنة أزلفت} ؛ أي : وإذا الجنة التي أعدت للمتقين ، قربت وأدنيت([11]) .
14- قوله تعالى : {علمت نفس ما أحضرت} ؛ أي : إذا وقعت هذه الأحداث ، فإن كل نفس مؤمنة وكافرة تعلم علماً يقيناً بالذي جاءت به من الأعمال لهذا اليوم ؛ كما قال تعالى : {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء نود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا}([12]) [آل عمران : 30] .
([10]) قال مجاهد من طريق ابن أبي نجيح : جذبت ، وهذا من لوازم الكشط ؛ لأنه لا يكون كشط إلا بجذب، والله أعلم . وهذه أحد الأحوال التي تمر بها السماء في يوم القيامة، ومن أحوالها ما ذكره الله في قوله : {يوم نطوى السماء كطى السجل للكتب} [الأنبياء : 104]، وقوله : {فكانت ورده كالدهان} [الرحمن : 3]، وقوله : {إذا السماء أنشقت} [الانشقاق : 1] ، وغيرها .
([11]) قال الربيع بن خثيم – في قوله تعالى : {وإذا الجحيم سعرت * وإذا الجنة أزلفت} - : "إلى هذين ما جرى الحديث : فريق إلى الجنة ، وفريق إلى النار" . وشرح الطبري قوله هذا فقال : "يعني الربيع بقوله : "إلى هذين ما جرى الحديث" : أن ابتداء الخبر {وإذا الشمس كورت} إلى قوله : {وإذا الجحيم سعرت} إنما عددت الأمور الكائنة التي نهايتها أحد هذين الأمرين ، وذلك المصير إما إلى الجنة، وإما إلى النار" .
([12]) روى عن عمر بن الخطاب قوله : "إلى هذا جرى الحديث" . وجملة : {عملت نفس ما أحضرت} جواب "إذا" في المواطن السابقة كلها ، والتقدير : إذا الشمس كورت ، علمت نفس ما أحضرت، وإذا النجوم انكدرت ، علمت نفس ما احضرت ، وهكذا . ولاشك أن العلم بما علمت يتفاوت في هذه الأزمان التي تقع فيها هذه الأحداث ، غير أنها لما كانت مترابطة إذا حدث الحدث الأول تبعته الأحداث الأخرى كما تنفرط خرزات السبحة من خيطها، جاز الجواب عنها بهذا الجواب الشامل ، وإن كان وقوع ذلك الجواب وقوعاً عينياً يكون بعد كشف الصحف وقراءتها ، والله أعلم . (انظر : التحرير والتنوير) . | |
|
Hounayda المشرفات
الجنس : عدد المساهمات : 522 نقاط : 921 الشّكر : 5 تاريخ التسجيل : 16/03/2010
| |
حورية الإدارة
الجنس : عدد المساهمات : 1271 نقاط : 2445 الشّكر : 17 تاريخ التسجيل : 15/10/2009 الموقع : https://7oortounes.ahlamontada.com المزاج : الحمد لله
| موضوع: رد: تفسير جزء عم : سورة التكوير الأحد 23 مايو 2010 - 0:09 | |
| تفسير الآيات من 15 إلى 29 :
15- 16- قوله تعالى : {فلا أقسم بالخنس * الجوار الكنس} : لما ذكر الآيات التي تكون في آخر هذا العالم وفي يوم القيامة ، أتبعه بالقسم على القرن([1]) ، فأقسم ربنا([2]) بالنجوم التي تكون مختفية قبل ظهورها بالليل ، الجارية في فلكها ، والداخلة وقت غروبها في النهار إذا طلع ، كما تدخل بقر الوحش والظباء في كناسها ؛ أي : بيتها([3]) .
([1]) جاءت الفاء لتربط بين المقطعين ، والأول يتحدث عن البعث ومبادئه ، وتقدير الربط بينهما : أنهم لو كانوا آمنوا بالقرآن الذي جاء القسم عليه ، لصدقوا بما هو من أعظم أخباره ، وهو البعث ، والله أعلم .
([2]) وقع خلاف في هذا التركيب "لا أقسم " على أقوال ، منها :
1- أنه نفي للقسم ، والمعنى أن هذا القضية من الظهور بحيث لا تحتاج إلى قسم عليها .
2- أن المنفي محذوف يقدر بما يناسب السياق ، ويكون المعنى : لا ليس الأمر كما زعمتم في القرآن، أقسم بالخنس ... إنه لقول رسول كريم .
3- أن "لا" جاءت لتأكيد القسم ، ويدل عليه قوله تعالى : {فلا أقسم بمواقع النجوم} [الواقعة : 75] ، ثم قال بعده : {وإنه لقسم لو تعلمون عظيم} [الواقعة : 76] ، فأثبت أنه أقسم ، وأنهم لو كانوا يعلمون ، لعلموا أنه قسم عظيم ، وهذا أقرب الاقوال للصواب ، والله أعلم .
([3]) اختلف السلف في المراد بهذه الأوصاف الثلاثة على قولين :
الأول : أنها النجوم أو الكواكب ، وهو قول علي بن أبي طالب من طريق خالد بن عرعرة ، ورجل من مراد ، والحسن من طريق جرير بن حازم ومعمر ، وبكر بن عبد الله ، ومجاهد من طريق الأعمش، وقتادة من طريق سعيد ، وابن زيد .
الثانية : أنها بقر الوحش ، وهو قول ابن مسعود من طريق أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل ، وجابر بن زيد ، وعبد الله بن وهب ، ومجاهد من طريق الصلت بن راشد ، وإبراهيم النخعي من طريق الأعمش، ومغيرة .
وقال بعضهم : الظباء ، وهم : ابن عباس من طريق العوفي ، وسعيد بن جبر من طريق جعفر ، ومجاهد من طريق أبن أبي نجيح ، والضحاك من طريق عبيد . ومعناه قريب من الذي قبله ؛ لأنهما من الوحش، ولا تفاقهما في الوصف المذكور .
قال ابن جرير : "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله – تعالى ذكره – اقسم بأشياء تخنس أحياناً ؛ أي : تغيب ، وتجري أحياناً ، وتكنس أخرى ، وكنوسها : أن تأوي في مكانسها، والمكانس عند العرب : هي المواضع التي تأوى إليها بقر الوحش والظباء ... وغير منكر أن يستعار ذلك في المواضع التي تكون بها النجوم من السماء ، فإذا كان ذلك كذلك ، ولم يكن في الآية دلالة على أن المراد بذلك النجوم دون البقر ، ولا البقر دون الظباء ، فالصواب أن يعم بذلك كل ما كانت صفته الخنوس أحياناً ، والجري أخرى ، والكنوس بآنات على ما وصف جل ثناؤه من صفتها".
وسبب الخلاف أن هذا الوصف صالح لأكثر من موصوف ، فذكر هؤلاء ما يرونه أنسب من غيره من الموصوفات ، وهذه الموصوفات تتواطأ على هذا الوصف ، وهذا من اختلاف التنوع الذي يرجع إلى أكثر من قول ، ويمكن حمل الآية عليهما كما قال ابن جرير ، غير أ، في سياق الآية ما يدل على ترجيح أحد القولين ، وهو أن المراد : النجوم والكواكب ، وذلك أن السياق بعدها يذكر آيات كونية، وهي الليل والصبح ، والنجوم ألصق بذلك من بقر الوحش والظباء ، ثم إن الغالب على أقسام القرآن : أن يكون القسم بما هو ظاهر للناس ، أو له آثار ظاهرة ، والنجوم والكواكب أظهر لكل الناس من بقر الوحش والظباء ، وبهذا يترجح القول بأنها النجوم والكواكب ، والله أعلم .
17- قوله تعالى {والليل إذا عسعس} ؛ أي : وأقسم بالليل إذا أقبل أو أدبر([4]) .
18- قوله تعالى : {والصبح إذا تنفس} ؛ أي : وأقسم بالصبح إذا بزغ ضوؤه ، وانتشرت نسماته الباردة .
19- قوله تعالى : {إنه لقول رسول كريم} هذا جواب القسم ، والمعنى : إن القرآن تبليغ جبريل أشرف الملائكة([5]) .
20- قوله تعالى : {ذي قوة عند ذي العرش([6]) مكين} ؛ أي : جبريل صاحب قوة عظيمة ، وهو ذو مكانة ومنزلة عند الله سبحانه ، ولذا خصه بوحيه ، فهو أمين السماء .
([4]) اختلف السلف في المراد بـ "عسعس" في هذا الموضع ، على قولين :
الأول : أدبر ، وهو قول بن عباس من طريق علي بن أبي طلحة والعوفي ، وعلي بن أبي طالب من طريق أبي ظبيان وأبي عبد الرحمن السلمي ، وقتادة من طريق معمر وسعيد ، والضحاك من طريق عبيد، وابن زيد .
والثاني : أقبل ، وهو قول مجاهد من طريق ابن أبي نجيح ، والحسن من طريق معمر ، وعطية العوفي من طريق الفضيل .
وسبب الاختلاف في هذه اللفظة الاشتراك اللغوي ، وهو من قبيل المشترك المتضاد ، ويجوز في هذا المثال حمله على معنييه ، لاختلاف الزمن المحمول عليه اللفظ ، وهو أول الليل وأخره ، وبهذا يكون من قبيل اختلاف التنوع الذي يرجع إلى أكثر من معنى ، وفي إيثار هذا اللفظ الدال على الحالين معاً ما يظهر بلاغة القرآن وإيجازه في الألفاظ مع اتساع المعاني ، دون تعارض بينهما ؛ أي : أنه إذا قيل بأحدهما لزم منه انتفاء الآخر ؛ كما في لفظ القرء من قوله تعالى : {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة : 228] فإنك لا يمكن أن تقول بالقولين معاً ؛ لأن المطلوب من المرأة أن تتريث ثلاثة أطهار أو ثلاث حيض ، والله أعلم .
([5]) نسب إليه القول هنا لأنه المبلغ عن ربه ، ولذا عبر عنه بلفظ "رسول" للتنبيه على مهمته ، وهي تبليغ كلام الله للنبي صلى الله عليه وسلم .
([6]) العرش من المخلوقات العلوية الغيبية التي أطلعنا الله على بعض أوصافها ، ومنها : أنه سرير ذو قوائم، وهو أعلى المخلوقات ، وأوسعها ، وأن الملائكة تحمله ، وعليه استوى الرحمن ؛ كما قال تعالى : {الرحمن على العرش استوى} [طه : 5] .
21- قوله تعالى : {مطاع ثم أمين} ؛ أي : جبريل المؤتمن على الوحي ، الذي لا يخون، يطيعه أهل السموات .
22- قوله تعالى : {وما صاحبكم بمجنون} ؛ أي : وما محمد الذي لازمكم أكثر من أربعين عاماً ، فلا تخفى عليكم دقائق أحواله ، ما هو بمخبول ولا بممسوس من الجن كما تزعمون.
23- قوله تعالى : {ولقد رءاه بالأفق المبين} ؛ أي ك أقسم أن محمداً رأى جبريل على صورته الملكية في أفق السماء الواضح ، مكان طلوع الشمس أو غروبها ، ولم يكن ذلك رئياً من الجن كما تزعمون .
24- قوله تعالى : {وما هو على الغيب بضنين} ؛ أي : ليس محمد صلى الله عليه وسلم ببخيل عليكم([7]) فيما بلغه من الوحي ، فيكتمه عنكم ، أو يأخذ عليه أجراً كما يأخذه الكاهن الذي يأتيه من الجن([8]) .
25- قوله تعالى : {وما هو بقول شيطان رجيم} ؛ أي : ليس القرآن من كلام الشيطان الملعون المطرود ، ولكنه كلام الله ووحيه .
26- قوله تعالى : {فأين تذهبون} ؛ أي : ما هو المسلك الذي ستسلكونه بعد هذا البيان والإيضاح عن صدق القرآن ؟
27- قوله تعالى : {إن هو لا ذكر للعالمين} ؛ أي : ما هذا القرآن الذي ذكرت لكم أحواله إلا موعظة لكم أيها المكلفون من الإنس والجن .
28- قول تعالى : {لمن شاء منكم أن يستقيم} ؛ أي : هذا القرآن موعظة لمن صدق في توجهه إلى الله ، وأراد أن يكون مسلماً لله ، مستقيماً على دينه ، وفي هذا دلالة على أن العبد قد يحجب نفسه عن الهداية ؛ كما قال تعالى : {وقد خاب من دساها} [الشمس : 10] .
([7]) ورد تفسير هذه القراءة عن زر بن حبيش من طريق عاصم ، وإبراهيم النخعي من طريق مغيرة ، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وقتادة من طريق سعيد ، وابن زيد ، وسفيان الثوري من طريق مهرن.
([8]) قرئ : "بظنين" ؛ أي : متهم ، والمعنى : ما محمد صلى الله عليه وسلم بكاذب فيما يبلغكم من الوحي، وقد ورد تفسير هذه القراءة عن ابن عباس من طريق الضحاك والعوفي ، وزر بن حبيش من طريق عاصم ، وسعيد بن جبير من طريق أبي المعلى ، وإبراهيم النخعي من طريق مغيرة ، والضحاك من طريق عبيد .
29- قوله تعالى : {وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين} ؛ أي : ولا تقع منكم إرادة كائنة ما كانت ، إلا بعد أن يأذن الله بوقوعها ؛ لأنه رب جميع العوالم ، فلا يقع في ملكه إلا ما يشاء([9]) .
([9]) هاتان الآيتان ورد فيهما إثبات مشيئة العبد ومشيئة الرب ، والمراد أن مشيئة العبد ليست نافذة على كل حال ، بل هي مقيدة بإذن الرب لها بالنفاذ ، وفي هذا رد على الجبرية الذين يرون أنه لا فعل لهم البتة ، بل كل فعل يفعلونه هم مجبولون عليه ليس لهم فيه اختيار ، وهذا مخالف للواقع ؛ لأنك ترى من نفسك اختياراً وتصرفاً ، ولكن وقوع هذا الاختيار بمشيئة الله تعالى .
كما أن في الآية الثانية رداً على الذين يزعمون أن لعبد قادر على خلق فعله ، وهم المعتزلة ؛ لأن الله أثبت أن فعل العبد لا يقع إلا بعد مشيئة الله ، ولو كان ما قولوه صحيحاً لما لزم ورود مشيئة الله هنا، والله أعلم . | |
|