عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "بني الإسلام على خمسٍ؛ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان". (رواه البخاري ومسلم)
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم : (( بني الإسلام على خمس)) أي فمن أتى بهذه الخمس فقد تم إسلامه، كما أن البيت يتم بأركانه كذلك الإسلام يتم بأركانه وهي خمس، وهذا بناء معنوي شبه بالحسي، ووجه الشبه أن البناء الحسي إذا انهدم بعض أركانه لم يتم، فكذلك البناء المعنوي، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : (( الصلاة عماد الدين فمن تركها فقد هدم الدين)) ،و كذلك يقاس البقية.
وقد ضرب الله مثلاً للمؤمنين والمنافقين فقال تعالى : {أفمن أسس بُنيانَهُ على تقوى مِنَ الله ورضوان خيُر أم من أسس بنيانه على شفا جُرُف هارٍ فانهارَ به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين} [التوبة109]. شبه بناء المؤمن بالذي وضع بنيانه على وسط طود أي : جبل راسخ، وشبه بناء الكافر بمن وضع بنيانه على طرف جرف بحر هار، لا ثبات له فأكله البحر فانهار الجرف فانهار بنيانه فوقع به في البحر فغرق فدخل جهنم.
قوله صلى الله عليه وسلم : (( بني الإسلام على خمس)) أي بخمس على أن تكون على : بمعنى الباء وإلا فالمبني غير المبنى عليه فلو أخذنا بظاهره لكانت الخمسة خارجة عن الإسلام وهو فاسد، ويحتمل أن تكون بمعنى من كقوله تعالى { إلا على أزواجهم}. [المومنون:6والمعارج :30]. أي من أزواجهم. الخمسة المذكورة في الحديث أصول البناء وأما التتمات المكملات كبقية الواجبات وسائر المستحبات فهي زينة للبناء. وقد ورد في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال : (( الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق)).
قوله صلى الله عليه وسلم : (( وحج البيت وصوم رمضان )). هكذا جاء في هذه الرواية بتقديم الحج على الصوم، وهذا من باب الترتيب في الذكر دون الحكم، لأن صوم رمضان وجب قبل الحج وقد جاء في الرواية الأخرى تقديم الصوم على الحج.